• النوع أخبار عامة
  • التاريخ 5 مارس 2021

باحثة في كابسارك تنشر تقرير خاص عن ملف الطاقة في السعودية

نشرت باحثة سعودية في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية كابسارك تقريراً خاصاً عن ملف الطاقة في السعودية، ويتزامن هذا التقرير مع توجه المملكة لتنويع مزيج الطاقة والتوجه نحو الطاقة المتجددة وتقليل استخدام النفط، حيث يقدم التقرير نظرة شاملة عن ملف الطاقة ويقدم لمحة عامة عن مزيج الطاقة الأولية والثانوية وإمكانيات الطاقة المتجددة كما يتضمن قسما للتركيز على الطاقة الثانوية مثل طاقة التكرير واستهلاك الكهرباء. وفي حوار خاص لها مع صحيفة الجزيرة بينت أن هذا هو التقرير الاول من نوعه، وانها ستعمل على تحديثه بشكل سنوي، ويستهدف التيسسير على الباحثين في المملكة ودول الخليج في توفير بيانات واحصاءات شاملة.

 

حدثينا عن مزايا هذا التقرير، وكيف يساعد على تقديم أول نظرة شاملة عن ملف الطاقة في المملكة؟

التقرير شامل لمؤشرات الطاقة في المملكة، كالطاقة الأولية من احتياط وإنتاج واستهلاك النفط و الغاز، والطاقة الثانوية كإنتاج المنتجات البترولية المكررة، و توليد واستهلاك الكهرباء. بالإضافة إلى معلومات عن حقول النفط الرئيسة و المصافي في المملكة، التي تشمل أيضًا  بيانات الاحتياطي و سعة الإنتاج.

كما يشمل التقرير معلومات عن إمكانات الطاقة المتجددة في السعودية، مثل متوسط سرعة الرياح ومتوسط الإشعاع الأفقي في مناطق المملكة والإنتاج السنوي للطاقة البديلة.

وما يميز التقرير هو ربط البيانات المذكورة بلوحة قيادة قاعدة بيانات الطاقة، التي يمكن قراءتها آليًا والتي أُنشئت لهذا التقرير لتسهيل تحميل البيانات للمستخدم، وسيتم تحديثها وتطويرها بشكل سنوي. وأيضًا رُبطت هذه البيانات بقاعدة بيانات أكبر تمكن المستخدم من الحصول على بيانات تاريخية لبعض المؤشرات.

ما البيانات التي استند عليها التقرير؟

استند التقرير على بيانات الطاقة من عدة مصادر إضافة إلى بعض البيانات التي أُنشئت في المركز، منها مصادر محلية تنشر تقارير أو إحصائيات سنوية عن الطاقة، وأخرى لها منصات خاصة وتحدث بشكل سنوي، فاختيار المصدر يعتمد على نوع البحث. بالإضافة إلى مصادر إقليمية وأخرى عالمية تحتوي أيضًا على معلومات عن دول أخرى. وذلك لمقارنة نتائج بيانات المملكة بدول مجلس التعاون الخليجي والعالم وتحليلها. واعتمدت مدة التقرير على تجميع وتحليل البيانات وتوفرها ونشرها في هذه المصادر، بالإضافة إلى استخدام بعض البرامج الخاصة لتصوير البيانات.

كيف بدأت العمل في مجال البيانات؟

أعمل في عدة مجالات تتعلق بإدارة البيانات والتحليل لاستخراج المعرفة والإحصائيات والرؤى، واستخدامها للتنبؤ وتفسير النتائج، وكذلك للأبحاث و تطوير بعض التطبيقات. أما بيانات الطاقة تحديدًا، فكانت قاعدة بيانات الطاقة في المركز إحدى أوائل المشاريع التي بدأت العمل على إنشائها منذ عام 2015م، ومن بعد إطلاقها عام 2016م كان الطلب من قبل المستخدمين عاليًا، وهو الذي جعلنا نركز أكثر على تطويرها فنحن نطمح أن تكون من أوائل المنصات للباحثين.. كانت أول 200 مجموعة بيانات قمت بنشرها في المنصة ترتكز على ثلاثة مواضيع حول الطاقة والاقتصاد والبيئة، وقمنا بعد ذلك بتوسيع التصنيفات إلى 16 موضوعًا تندرج جميعها تحت هذه المواضيع الثلاثة الرئيسة. هدفنا أن تكون قاعدة بيانات المركز الأولى محليًا وإقليميًا، ومن الأوائل عالميًا في بيانات الطاقة. يزداد لدينا عدد المستخدمين سنويًا بشكل كبير من باحثين ومهتمين بهذا المجال، والآن نقوم كفريق بتطويرها وفي وقت قياسي ارتفع عدد تحميل البيانات من المستخدمين من دول مختلفة حول العالم إلى الضعف.

ما تقييمك لمستقبل البيانات والإحصائيات والذكاء الاصطناعي في المملكة؟

عالٍ جدًا، فلقد أدى التقدم في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي إلى رفع معايير أدوات علم البيانات في عدة مجالات بمختلف القطاعات، مما جعل المملكة تركز على مجال البيانات بشكل أكبر الآن. كما شهدت تطورًا أيضًا في قطاع الإحصاء الذي له أهمية كبيرة، فهو يساعد على إنتاج بيانات وأبحاث و دراسات إحصائية تعتمد على مصادر وأرقام موثوقة. وكما نلاحظ الآن فهناك تركيز على تجميع و نشر أهم المؤشرات الإحصائية التي تصدر على منصات متوفرة للمستخدمين، فالعديد من الجهات الحكومية والخاصة توفر منصات لنشر بيانات أو تقارير سنوية\شهرية للإسهام في تقديم إحصاءات موثوقة تخدم التنمية الاقتصادية في جميع المجالات.

توجد علاقة كبيرة بين علم البيانات و الذكاء الاصطناعي, فيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة البيانات الضخمة وانشاء طرق جديدة الية لتحليل البيانات وبناء نماذج تساعد في اتخاذ القرارات المناسبة. كما يحتاج الذكاء الاصطناعي للكثير من البيانات ليصبح أكثر قوة وليعطي نتائج أفضل بتدخل بشري أقل.

تسعى المملكة لتطوير مسيرة الابتكار والتحول الرقمي وساهمت في تطوير هذا المجال بشكل ملحوظ، ففي عام 2019م أنشئت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي, والتي في فترة قياسية قامت بالعديد من الانجازات,  حيث تلعب دورًا هامًا في رسم مستقبل البيانات, كما ونظمت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض والتي أعلنت فيها استراتيجتها لتطوير الذكاء الاصطناعي . ولقد حققت المملكة المركز الأول عربًيا والثاني والعشرين عالميًا في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، حيث تقدمت  بسبع مراكز خلال عام واحد. كما تطمح المملكة إلى أن تكون ضمن أول 15 دولة رائدة في هذا المجال، مما يدل على توجهها نحو مستقبل مبتكر، فمستقبل علم البيانات الذي منح لقب نفط القرن الحادي والعشرين متميز، و له أهمية في بناء اقتصاد مبني على المعرفة لاعتماده على أساليب علمية متطورة وأنظمة حديثة.

كم تبلغ  احتياطيات النفط والغاز في المملكة؟

بلغ احتياطي المملكة للنفط بحسب آخر تحديث لبيانات بي بي إلى ما يقارب 297.6  (مليار) في عام 2019م، وهو أقل بنسبة بسيطة من عام 2018م. يمثل منه احتياطي النفط الخام النسبة الأكبر إذ يصل إلى ما يقارب 257 ألف مليون برميل، والباقي هو احتياطي المملكة لسوائل الغاز الطبيعي والمكثفات. تصنف المملكة ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم بعد فنزويلا، فلها قرابة 16% من احتياطي النفط عالميًا. كما يصل احتياطي الغاز للمملكة إلى ما يقارب211 تريليون قدم مكعب، مما يجعلها في قائمة أول 10 دول في احتياطي الغاز في العالم، فروسيا هي الأولى عالميًا.

هل تتوفر نسخة رقمية من التقرير؟ ما الفائدة التي تعود على الباحثين من هذه النسخة؟

نعم، فمن إحدى مميزاته أنه يحتوي على نسخة رقمية يمكن للمستخدم من خلالها تحميل البيانات بشكل مباشر آليًا أو يدويًا للاستفادة منها، ولدعم الباحثين بالبيانات المرتبطة بمجموعات بيانات أخرى تاريخية تصل في بعض المؤشرات إلى ما قبل عشرين عامًا، بالإضافة إلى البيانات الحالية التي تُحدث بشكل سنوي. تركيزنا على أن تكون قاعدة البيانات سهلة الاستخدام، ومجموعات البيانات مكتملة ومحدثة وموثوقة.

ما سبب اختيار عام 2018م كقاعدة لبيانات التقرير؟

هذا التقرير بنسخته الرقمية, هو الأول من نوعه، بدأنا بعام 2018م وهو عام “الموجة الثانية” لإصلاح أسعار الطاقة في المملكة الذي كان التركيز فيه على البنزين والكهرباء بصفتهما مصدري الطاقة الأساسيين للفرد، إذ يمكن للباحث مقارنة تأثير ونتائج إصلاحات الأسعار على الاستهلاك بين عامي 2017م و2018م في بعض المؤشرات، وكذلك البيانات المستقبلية بعد تحديثه.

 تم تحديث النسخة الرقمية إلى بيانات 2019م في بداية هذا العام، وسوف تُحدث لبيانات عام 2020م في حين نشرها في المصادر المعتمدة.

ما أهم نتائج إصلاح أسعار الطاقة في المملكة من واقع التقرير؟

شهدت المملكة ارتفاعًا كبيرًا في استهلاك الطاقة، وخاصة الكهرباء والوقود فهما مصدري الطاقة الأساسيين للفرد، إذ ارتفع استهلاك الكهرباء بنحو 85% في القطاع السكني خلال عشر سنوات حتى عام 2017م. وارتفاع الاستهلاك يعود إلى عدة أسباب إضافة إلى زيادة عدد السكان، من أهمها دعم  أسعار الطاقة و انخفاض أسعارها إلى ما هو أقل من المستوى العالمي تهدف المملكة إلى الوصول إلى أهداف رؤية 2030 التي من ضمنها رفع كفاءة الطاقة، إذ قامت بتغييرات في الاقتصاد, فمع التركيز على الإيرادات النفطية كانت تهدف إلى زيادة الإيرادات غير النفطية وزيادة كفاءة الطاقة. فبعد أن تم إصلاح أسعار الطاقة عام 2018م, وبشكل جزئي كأحد الأسباب, شهدت المملكة انخفاضًا في استهلاك الكهرباء في القطاع السكني بشكل ملحوظ في عام 2018م إلى 9% مقارنة بعام 2017م، وكان هذا أول انخفاض في الاستهلاك لهذا القطاع تشهده المملكة, خلال أكثر من عقد, بعد الارتفاع السنوي الذي كان في نهاية بعض السنوات يتجاوز 10% خلال عام واحد. كما استمر الانخفاض حتى عام 2019م فكان الاستهلاك أقل من 2018م بنسبة 1.5%.

هل واجهتك عوائق خلال إعدادك للتقرير؟

قُورِنت نتائج بيانات المملكة بمجموع دول العالم ودول مجلس التعاون الخليجي بحسبة بسيطة، ولكن جمع البيانات وتحليلها استهلك وقتًا أكبر في بعض المؤشرات، خاصة لأرقام بعض الدول التي كانت تحتاج إلى بيانات تقديرية بناءً على بيانات تاريخية. واستخدام بعض البرامج الخاصة بالعرض المرئي للمعلومات لتوضيح نسب وفروقات البيانات لمناطق مختلفة في المملكة.

ما القطاعات الأكثر استهلاكًا للطاقة الأولية في المملكة؟

القطاع الصناعي الذي يشمل صناعات البتروكيماويات والحديد والأسمنت, والمصافي. كما يستهلك قطاع المواصلات كمية كبيرة من الوقود, الناتج من المصافي, من منتجات النفط المكررة, فالمواصلات البرية مثلا تستهلك نسبة كبيرة من الوقود لأسباب جغرافية في المنطقة, ولزيادة أعداد السكان، إذ يتجاوز عدد أسطول المركبات 12 مليون، ومن المتوقع أن ينمو بشكل كبير في السنوات القادمة بزيادة 5% سنويًا. وكذلك استهلاك المباني، إذ إن النسبة الأكبر تستهلك في التكييف, وذلك لتزايد الطلب عند ارتفاع درجات الحرارة, فتحرق كميات كبيرة من النفط الخام لتشغيل محطات توليد الطاقة, والتي تستهلك الطاقة الأولية بشكل مباشر. يزداد الطلب خاصة خلال الصيف، فوصل الاستهلاك في شهر أغسطس لعام 2020م إلى أكثر من 700 ألف برميل يوميًا، وهو ضعف الاستهلاك لشهر يناير الذي كان يقارب 290 ألف برميل يوميًا وفقًا للمبادرة المشتركة بين المنظمات لنشر البيانات. المملكة في قائمة أكثر الدول استهلاكًا للنفط، إذ تحتل المركز الخامس على مستوى العالم باستهلاك يومي يصل إلى ما يقارب 3.8 مليون برميل. وكما ذكرت سابقًا، فإن المملكة تهدف إلى رفع كفاءة الطاقة مما سيسهم في خفض الاستهلاك في هذه القطاعات، إذ يعمل المركز السعودي لكفاءة الطاقة على وجود إستراتيجيات وتطوير آليات لتعديل ورفع كفاءة استهلاك الطاقة باستخدام بعض الإجراءات لكل قطاع، وخاصة في القطاع الصناعي، فبالرغم من التحديات التي من ضمنها تدني أسعار الوقود والكهرباء، يعمل المركز على وضع برامج مختلفة لكل قطاع للتحسين من أداء الطاقة واستهلاكها، إذ تسعى المملكة إلى تحقيق تنمية مستدامة برفع كفاءة الطاقة في جميع القطاعات.

ما واقع ومستقبل الطاقة المتجددة في المملكة؟

تمتلك المملكة العربية السعودية إمكانات عالية لإنتاج الطاقة المتجددة. فبالإضافة إلى مواردها الشمسية، تمتاز أيضًا بتوفر أراضٍ ذات مساحات كبيرة جدًا مما يجعلها في مكانة رائدة في مجال الطاقة المتجددة. بالإضافة إلى موقعها الجغرافي في نطاق الحزام الشمسي العالمي الذي يجعلها تتمتع بأعلى فيض من الأشعة الشمسية المرتفعة، مما يجعلها تتمتع بمقومات قوية في الطاقة الشمسية، إذ يصل المتوسط اليومي للإشعاع الأفقي إلى أكثر من 2200 كيلو واط في الساعة لكل متر مربع في المنطقة الوسطى، ويوجد أكثر من 40 محطة لقياس الطاقة الشمسة في المملكة  وكان مشروع سكاكا للطاقة الشمسية هو الأول ضمن سلسلة مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة بسعة إنتاجية تصل إلى نحو 300 ميجاواط، أطلق في إطار البرنامج الوطني للطاقة المتجددة الذي يسعى إلى تحقيق أهداف الرؤية السعودية للطاقة المتجددة لعام 2030م.

وإضافة إلى ذلك فإن الإمكانات لدى المملكة بمناطقها جغرافيًا، كالشمال الشرقي والمناطق الجبلية، تعتبر مثالية أيضًا لتوليد طاقة الرياح، فمشروع محطة دومة الجندل أول مشروع لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، ومن المتوقع أن تصل قدرته الإنتاجية إلى 400 ميجاواط. ستساهم هذه المشاريع -التي من المتوقع أن تخدم أكثر من 100 ألف وحدة سكنية بالمنطقة- في خفض الانبعاثات الكربونية سنويًا وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل أكبر.

ما القيمة المضافة التي سيضيفها هذا التقرير للباحثين وصناع القرار من وجهة نظرك؟

وجود النسخة الرقمية الذي يسهل الوصول إلى البيانات مباشرة -للطاقة الأولية والثانوية- ليس فقط للمملكة وإنما لدول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم. كما أن العمل على تطويره مستمر في النسخ القادمة. وأيضًا توفر بيانات عدة مصادر في مكان واحد مما يسهل للباحث البحث والمقارنة بين مجموعات بيانات الطاقة من مصادر محلية وعالمية، بالإضافة إلى دعم تحليل البيانات بشكل مرئي بتوفر الرسم البياني والخرائط. وخلال إعدادي للتقرير أُنشئت مجموعات بيانات أخرى كانت إضافة للمستخدمين، كحقول النفط والمصافي للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي و بيانات الطاقة البديلة, بالإضافة الى ملف الطاقة الشامل لكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي.

 

نبذة عن الباحثة:

عبير الغامدي – باحثة في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية. تتمتع عبير بخبرة في إدارة بيانات الطاقة وتطبيقات أبحاث الطاقة، إذ تركزت خبرتها على تحليل البيانات للاستخدامات البحثية، وقادت المشاريع ذات الصلة، مثل ميزان الطاقة للمملكة، وقاعدة بيانات الطاقة. كما عملت على بناء وتطوير بوابة بيانات كابسارك، ونشرت عددًا كبيرًا من مجموعات البيانات وتطوير تطبيقات أبحاث كابسارك في مجالي الطاقة والنقل.

 

نشر هذا الحوار مسبقا في صحيفة الجزيرة