• Episode number 07
  • المدة 6:44
  • ‪اللغة English
  • التاريخ 9th December 2020

نص الحلقة:

يعد الغاز الطبيعي وقودًا مثاليًا لاستخدامه في عملية الانتقال نحو الطاقة النظيفة والمستدامة وذات الأسعار الميسورة، إذ تعمل العديد من الدول على إدخاله بشكل متزايد في مزيجها للطاقة، وتوليد الطاقة بالغاز كبديل للوقود السائل الملوث والمكلف، كما ازداد عدد الصناعات المعتمدة على الغاز الطبيعي كمادة أولية. وعلى الرغم من جميع الحقائق المذكورة، تتخلّص العديد من الشركات المنتجة للنفط حول العالم من الغاز الطبيعي المرتبط بإنتاج النفط الخام عن طريق حرقه عند فوهة البئر من خلال عملية تعرف باسم “الحرق”، أو عن طريق إطلاقه مباشرة في الهواء عند محطات التجميع ومنشآت المعالجة في عملية تعرف باسم “التنفيس”.

 

إن هاتين الممارستين الضارتين تتسببان في تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وإهدار كميات كبيرة من الغاز الطبيعي القيّم. حيث أدت إلى حرق خمسة فاصلة واحد تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي على مستوى العالم في عام ألفين وثمانية عشر وفقًا للبنك الدَّولي، وإطلاق أكثر من ثلاث مئة وعشرة مليون طن من الكربون في الغلاف الجوي. وتأتي هذه السلوكيات نتيجة لعوامل متعددة، مثل القيود التشغيلية التي تفرضها البنية التحتية، والقدرات المحدودة، ونقص الحوافز المالية لالتقاط الغاز ومعالجته، والحقوق التعاقدية الضعيفة، وسوء أنظمة حماية البيئة.

 

وتعد المملكة من أبرز الأمثلة على مكافحة هذه الممارسات الضارة، وتحويل الغاز إلى سلعة ثمينة. فبالعودة إلى أوائل القرن العشرين، لم يحظ الغاز باهتمام كبير من قبل شركة ستاندرد أويل كاليفورنيا والحكومة السعودية وكانوا يتخلصون منه في العادة. وفي عام ألف وتسع مئة وثمانية وأربعين، أدى اكتشاف حقل الغَوّار الذي يعد أكبر حقل نفطي في المملكة العربية السعودية إلى حرق المزيد من الغاز المصاحب، ولكن الحكومة السعودية طالبت أرامكو بالتوقف عن حرق الغاز المصاحب في الخمسينيات من القرن الماضي، وأمرتها بإعادة ضخ الغاز في مكامن النفط لتوفير الدعم لضغط المكمن.

 

وفي السبعينيات حاولت أرامكو أن تتاجر بالغاز المصاحب عن طريق بيع غاز البترول المُسال في الأسواق المحلية والدولية، أو استخدامه لتوليد الكهرباء. وتزامن ذلك مع تزايد اعتبار الغاز جزءًا مهما من محاولة واسعة لتنويع الاقتصاد السعودي، سواء لدعم صناعة البتروكيماويات أو لتوليد الكهرباء.

 

ولهذا منحت الحكومة السعودية أرامكو عقدًا بقيمة اثني عشر مليار دولار أمريكي لإنشاء نظام شبكة الغاز الرئيسة لتفعيل التقاط ومعالجة واستخدام الغاز، فبدأ تشغيل النظام بحلول عام ألف وتسع مئة واثنين وثمانين، وتوسع بمرور الوقت بالتزامن مع ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي، ولقد منع انبعاث 80 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي سنويًا. كما سمح نظام شبكة الغاز الرئيسة للمملكة العربية السعودية بأن تصبح تاسع أكبر منتج للغاز في العالم؛ إذ يبلغ الإنتاج السعودي للغاز القابل للتسويق أحد عشر فاصلة خمسة مليار قدم مكعب يوميًا.

 

ومنذ ذلك الحين ركزت أرامكو على أمرين مهمين، هما: الحد بشدة من حرق الغاز، وتطوير المزيد من حقول الغاز غير المصاحب مثل حقل الجافورَة. ولقد تحقق ذلك من خلال تنفيذ برامج على مستوى الشركة لخفض عمليات حرق الغاز المعتادة أكثر على امتداد سلاسل القيمة في صناعة النفط والغاز، من خلال استخدام تقنيات التفريغ الصفري مثل المشاعل “عديمة الدخان”، ونشر أنظمة استرداد الغاز المشتعل.

 

ولفهم مقدار التقدم الذي حققته المملكة العربية السعودية، يمكننا مقارنته بحالة العراق التي تحتل المرتبة الثانية عالميًا في سلم الدول التي تحرق الغاز بعد روسيا؛ إذ تحرق خمسة وستين بالمئة من الغاز المصاحب للنفط. ولقد أدى الافتقار إلى البنية التحتية الوسطية وغياب صناعة البتروكيماويات على نطاق واسع إلى تفاقم المشكلة. علاوة على ذلك، يعاني قطاع الطاقة العراقي من شيخوخة البنية التحتية، ولا توجد حوافز لشركات النفط العالمية في العراق لالتقاط هذا الغاز لأن استخراج النفط مربح بالفعل.

 

فلولا الإجراءات التي اتخذتها السعودية، لكان عليها في عام ألفين وثمانية عشر إنتاج ثمانية عشر مليار قدم مكعب إضافي لتلبية الطلب المحلي على الغاز، بالإضافة إلى حرق خمسة وستين بالمئة من إجمالي الغاز المنتج. وهذا يثبت أن الشراكات الاستراتيجية بين الحكومات والقطاع الخاص تظل حافزًا رئيسًا للتنمية، ويمكن أن تشكل جزءًا من إطار الاقتصاد الدائري للكربون.

 

للاطلاع على الدراسة كاملة

 

المؤلف: ماجد السويلم

كن على اطلاع

 أنا مهتم بـ

اختر الإشعارات التي ترغب بإرسالها لك

عن

نبذة عنك